أخبار عالميةالرئيسية

“إنجاز جديد”.. كيف نجحت قطر بتوقيع اتفاق سلام لإنهاء النزاع التشادي؟

 

نجاح جديد تحققه الدبلوماسية القطرية بوضع الخلاف التشادي على سكة المفاوضات، من خلال وساطة ناجحة بدأتها منذ مارس الماضي، هدفت إلى جمع الفرقاء على طاولة واحدة بالعاصمة التشادية إنجامينا.

في الدوحة 8 أغسطس 2020، وقع الفرقاء التشاديون اتفاق السلام؛ وذلك لوضع حد للحرب المستمرة منذ العام 1990 حتى تشن المعارضة حرباً لإسقاط النظام العسكري الذي كان يقوده الرئيس الراحل إدريس ديبي.

شارك في توقيع الاتفاق وفد عن الحكومة الانتقالية، وممثلون عن المعارضة المسلحة، وممثلون عن الاتحاد الأفريقي ومنظمات دولية وإقليمية.

وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قال في كلمة له خلال مراسم التوقيع: إن “قطر لن تدخر جهداً لتأكيد الحفاظ على السلام في تشاد”، مضيفاً: “نتطلع بقوة أن يكون اتفاق السلام نقطة تحول على طريق الاستقرار في تشاد”.

وتابع قائلاً: “نأمل أن تلحق بقية المجموعات التشادية الأخرى بركب السلام لتحقيق تطلعات الشعب”.

ودعا وزير الخارجية القطري “الدول التي ما زالت تشهد نزاعات، للانفتاح على المبادرات الهادفة لإرساء دعائم السلام”.

من جانبه قال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد: “هنيئاً للدوحة مدينة السلام على دورها في تحقيق السلام بدولة تشاد”.

قطر والفرقاء التشاديون

كل المؤشرات كانت تقود إلى التوقع بحصول انفراجة في الخلاف التشادي، خاصة أن من يتبنى التقريب بين أطراف الصراع في البلد الأفريقي قطر، صاحبة الكأس المعلى في المصالحات وإنهاء الخلافات.

وقال محمد الخليفي مساعد وزير الخارجية القطري للشؤون الإقليمية: إن “الاتفاقية ستساهم في بناء رؤية مشتركة لمستقبل مشرق لجمهورية التشاد”.

وأضاف: “كما أن تحقيق المصالحة الوطنية التشادية يعد دعامة أساسية لإرساء الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة”.

وحتى السبت (30 يوليو 2022)، كانت هناك مباحثات هاتفية بين أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس المجلس العسكري الانتقالي في تشاد محمد إدريس ديبي، بحثا خلالها العلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق تطويرها وآخر التطورات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء القطرية (قنا).

وعلى الرغم من أن “وكالة الأنباء القطرية” التي أوردت الخبر لم تذكر تفاصيل أخرى، لكن المراقبين يعتقدون أن الخلاف التشادي كان أولوية في هذا اللقاء.

ثم إن الاتصال الهاتفي يأتي بعد أيام من إعلان عدة جماعات معارِضة في تشاد مع حلفائها السياسيين أنّها ستستأنف المحادثات مع المجلس العسكري الحاكم، بعد تعليق مشاركتها في محادثات السلام بالدوحة، في 18 يونيو الماضي.

في الشأن ذاته ذكرت وكالة “فرانس برس” في تقرير، الأحد 31 يوليو 2022، أن دولة قطر تضغط باتجاه عقد قمة وزارية، أوائل أغسطس؛ لإبرام اتفاق بين المجلس العسكري الحاكم في تشاد والجماعات المعارضة بشأن حوار سلام.

ونقلت الوكالة عن أحد المفاوضين قوله: إن “قطر ترغب في التوصل إلى اتفاقٍ هذا الأسبوع؛ ليتمكنوا من عقد اجتماع دولي قريباً”.

كما نقلت عن دبلوماسيين مطلعين على المحادثات حديثهم عن وجود تقدم، وأن غالبية الجماعات اتفقت على توقيع اتفاق لبدء المحادثات في نجامينا، في 20 أغسطس المقبل.

فيما قال مسؤول حكومي قطري: إن “المفاوضات مع كل الجماعات المعارضة ما تزال قائمة”، مضيفاً: “بينما ما زلنا نعمل مع الأطراف كافة للتوصل إلى اتفاق بشأن الخطوات القادمة، نأمل استئناف الجولة المقبلة في بداية أغسطس”.

ووفقاً للوكالة فإن مساع قطرية عبر مفاوضين قطريين لإقناع “جبهة التغيير والوفاق” في تشاد “فاكت”، وهي إحدى الجماعات الرئيسة المعارضة، بالتوقيع على الوثيقة ومنح الحوار الوطني فرصة أكبر للنجاح.

ووصف زعيم “جبهة التغيير والوفاق” محمد مهدي، الوثيقة الحالية بأنها “بداية جيدة”، ولكن مفاوضيه دعوا إلى مزيد من التنازلات من قبل الحكومة.

كما أن وسائل إعلام تشادية قالت إن الوساطة القطرية ستعلن التوصل إلى اتفاق سلام بين حكومة تشاد والحركات العسكرية التشادية، مطلع أغسطس القادم.

قطر وساطة جديدة

استضافت الدوحة، منذ 13 مارس الماضي، الحوار التشادي بين المجلس العسكري الانتقالي ونحو 52 حركة سياسية وعسكرية تشادية، بهدف التوصل إلى اتفاق سلام أولي ينهي عقوداً من الحروب، ويمكّن حركات المعارضة من المشاركة في الحوار الوطني الشامل لتحقيق المصالحة الوطنية في البلاد، وإجراء انتخابات حرة يشارك فيها الجميع.

جاءت هذه المفاوضات بعد مقتل الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو، خلال معارك مع المعارضين، في أبريل 2021، وعيّن عقب ذلك ابنه محمد رئيساً لمجلس عسكري انتقالي يضم 15 جنرالاً.

ووعد حينها بإجراء “انتخابات حرة وديمقراطية” خلال فترة انتقالية تستمر 18 شهراً، عقب “حوار وطني شامل” مع المعارضة السياسية تسبقها مفاوضات سلام مع نحو 50 جماعة معارِضة.

وعلى الرغم من هذا التعقيد في الملف التشادي، فإن مراقبين يؤكدون أنهم كانوا يعتقدون مسبقاً أن قطر ستحقق نجاحاً جديداً على مستوى الوساطة.

ووفق ما ذكر المحلل السياسي مفيد مصطفى لـ”الخليج أونلاين” فإنه “ليس من المبالغة القول إن قطر أصبحت الوسيط الأول على صعيد العالم”.

ويعتقد مصطفى أن قطر “راكمت رصيداً مهماً بالوساطة والدبلوماسية، ابتداءً من الدول الصغيرة”.

واستشهد ببعض الوساطات القطرية الناجحة؛ ومن أبرزها أنها “مكنت من تجنيب لبنان حرباً أهلية، في عام 2008، بين حلفاء حزب الله وخصومه، مروراً بمفاوضات دارفور الشاقة وصولاً إلى مفاوضات طالبان والولايات المتحدة وانتهاء بالاتفاق النووي الإيراني”.

يقول مصطفى: إن الدوحة “تمكنت من إحداث خرق في معظم الملفات المعقدة على الصعيد العالمي”.

وعليه يرى أن اتصال رئيس المجلس العسكري التشادي بأمير قطر “ليس بعيداً عن هذا المنحى؛ حيث ليس أمام التشاديين إلا الوسيط القطري للوصول إلى تسوية مع المعارضة المسلحة وإحلال السلام الذي تنشده كافة الأطراف”.

التشاديون -وفق مصطفى- يدركون تماماً النفس الطويل بالمفاوضات، والخبرة الكبيرة لقطر، مضيفاً: “فإذا كانت قطر قد أصبحت موضع ثقة لأقوى دولة في العالم فلن يشذ التشاديون عن القاعدة”.

انفراجة قريبة

وسائل إعلامية تشادية أكدت، خلال يوليو الماضي، أن الوسيط القطري سيعلن اتفاق السلام بين الحكومة التشادية والحركات العسكرية، خلال الأسبوع الأول من شهر أغسطس 2022، وذلك بعد قبول نحو 32 حركة عسكرية مسودة اتفاق السلام التي قدّمها الوسيط القطري، الخميس 21 يوليو 2022.

وتلقى الوسيط القطري عدداً من المطالب قدّمتها بقية الحركات السياسية العسكرية، طالبت بإدراجها في الاتفاق، وجاءت أبرز المطالب ممثلة في: المشاركة في اللجنة المنظمة للحوار الوطني بحصص متساوية، والإفراج الفوري عن السجناء مباشرة بعد توقيع اتفاق الدوحة.

وشملت المطالب وقف عام لإطلاق النار يكون سارياً بمجرد التوقيع على الاتفاقية، ووقف الأعمال العدائية بصورة “تامة ونهائية”، والتزام الحركات السياسية العسكرية بعدم القيام بأي اختراق من أي نوع كان ضد المجلس العسكري الانتقالي.

وشمل مشروع الاتفاقية بنداً مرتبطاً بعملية نزع السلاح، وعفو يشمل كل الإدانات القضائية والتهم المتعلقة بالمشاركة في التمرد.

ومن بين النقاط التي جاءت في مشروع الاتفاق “تشكيل حكومة مصالحة وطنية بعد اختتام الحوار الشامل تكون مسؤولة عن تنفيذ التوصيات والقرارات المنبثقة عن الحوار الوطني الشامل، وكذلك اتفاقية الدوحة”.

 المصدر: الخليج أونلاين 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
google-site-verification: google3b1f217d5975dd49.html